نفيسة المليك

والدي ختمي وزوجي تقدمي وأبنائي ناصريين ،،،الست (نفيسة) أو (ماما) نفيسة كما يناديها البعض، أو نفيسة أبوبكر المليك، شخصية معروفة لدى غالبية الشعب السوداني، التقيتها بمنزلها العامر بحي الملازمين بامدرمان في حوار وعلى الرغم من اجاباتها البطيئة الى حد ما لكنها تحدثت فيه عن كثير من القضايا الخاصة بالمرأة والتي ظلت مهمومة بها طوال فترة حياتها والى الآن، وعن السبب الذي أهملت فيه مدارس المليك الأهلية وأيضاً تحدثت عن أيام الإستعمار والفترة التي نالت فيها البلاد استقلالها، وأخيراً بعثت بمناشدة الى رئيس الجمهورية. والى تفاصيل الحوار: • حدثينا عن بداية فترة عملك في التعليم؟ أنا بدأت كمعلمة وكان وقتها عمري أربعة عشر عاما كنت صغيرة جدا في ذلك الوقت وكنت ادرس فتيات أكبر مني بكثير. • هل تتذكرين زميلاتك في تلك الفترة؟ من زميلاتي رقية عبدالله ـ صفية محمد شبيكة ـ حياة البريرـ آسيا دفع الله شبيكة منهن من توفين وأخريات موجودات. *تنقلت في كثير من مدن السودان؟ نعم .انتقلت أماكن بعيدة جدا وبعضها لم اقم بتنفيذ النقل. • لماذا وهل كان معك أخريات؟ كنا ثلاث معلمات وكانوا يودون نقلنا إلى أماكن بعيدة جدا. كان يودون نقلي إلى القولد ونسبة لصغر سني لم اذهب وقد حكى لي السيد علي أنه ما من أحد يستطيع أن يمر في شوارع القولد إلا بوجود ادخنة وذلك لكثرة البعوض الموجود فيه. وهنالك ايضا أسماء أبو بكر ورقية التي تم نقلها إلى ود مدني. • وماذا كان رد فعل الحكومة؟ حكومة السودان رفعت قضية لآبائنا وكانت قصة وحدث كبير جدا .فيما بعد ذهبت إلى ودمدني لأن عمتي كانت تسكن هنالك وهي ايضا معلمة في مدرسة الحضري وأسماء عملت في مدرسة البنات الأميرية أما رقية فقد استقالت.*ما رأيك في التعليم الآن؟ التعليم أصبحت مهنة من لا مهنة له والذين يدرسون في كلية التربية لا يعملون في التدريس لأنها أصبحت مهنة طاردة ولا يوجد به تدريب وليست بها معايير والمعلم لا يقيم ولذلك رجعوا للتعليم الأهلي. • لماذا أغلقت مدارس المليك؟ في الأول كانت تسمى مدارس البنات الأهلية الوسطى ولكن الدكتور محيي الدين صابر اسماها مدارس المليك تكريما لمبادرة شيخ المليك، وقد أغلقت هذه المدارس لأنها أصبحت غير مرغوبة وبالتالي لم يعد هنالك تعليم أهلي. اذكري لنا ابرز خريجي مدارس المليك؟ رجاء حسن خليفة والتي هي نشطت في العمل العام واتحاد المرأة، بنات السيد الصديق المهدي وسميرة الصديق المهدي وكذلك مديحة الفاضل. • ألا ترين أن هنالك تغيرات طرأت على المرأة ولم تعد كالسابق؟ المرأة في السابق كانت افضل وهن يقمن باعباء اكثر من الرجل تعمل في الداخل والخارج وتشرف على تعليم أبنائها. أما الآباء فحتى مجلس الآباء لا يذهبون إليه لأنه أصبح مسيسا فالعمل العام أصبح مسيسا لذلك اوقفنا انفسنا منه والعمل الخيري الذي اصبح مسيسا ايضا وأي عمل اجتماعي يكون مختوم عليها (صنع في الإنقاذ) لذلك اعتكفنا والتزمنا منازلنا وأصبحنا (حريم) فقط. عمل المرأة الآن في حكومة الإنقاذ ألا يمثل ذلك نجاحا لها؟ أنا بفتكروا نوع من الاستقلال والإنقاذ لا تعترف بعمل المرأة لكنها وجدت أنها في حاجة اليها ولا توجد هنالك حركة نسائية . • وهل في تقديرك هذا ماجعل المرأة تتخوف من أن تترشح لرئاسة الجمهورية؟ ادري أن هنالك نساءً يعملن في الوزارات لكنهن لن يعمدن إلى ترشيح أنفسهن لأنهن يعلمن أن البشير هو الذي سيفوز وإذا ما تم تقديمهن سيكون تنفيذا للأجندة لكنهن إذا ما وجدن الجو الملائم والحريات من غير تدخل ومن غير اللجوء للاساليب الفاسدة سيتسع المجال للمرأة للمنافسة وربما تحظى بقابلية. • وماذا عنك ألا تودين الترشح؟ إذا لم تستعمل اساليب فاسدة سافوز .وحينها لن اكون دكتاتورية سأأتي بوزراء مؤهلين وستكون هنالك المشاركة من الجميع ولن استغل احدا وستكون هنالك حرية رأي ساقول لمن اخطأ اخطأت ولمن أصاب أصبت (تضحك). • هل لديك ميول حزبية؟ أنا مستقلة . الوالد رحمه الله ختمي ووالدتي اتحادية وأبنائي ناصريين أما زوجي فتقدمي أي لديه أفكار تقدمية . • متى تم زواجك؟ بعد أن أصبحت مدرسة في كلية المعلمات تم انتدابي إلى المملكة المتحدة، ولكن ولذات الظروف وبحكم صغر عمري لم اذهب بالرغم من لدىَّ إخوة هنالك. تزوجت من ابن عمي بعد فترة خطوبة طويلة جدا. • اشتغلت في العمل العام فهل تذكرين من كن يعملن معك آنذاك؟ نعم. كانت هنالك سعاد عبد الرحمن ـ ثريا عبد الرحمن ـ آسيا عثمان ـ زهرة إبراهيم شاركوني في العمل العام وكانوا في نقابة المعلمات ايضا مريم عبد الباسط وفاطمة شعرون. • سمعنا أنك قد اعتلقت قبل سنوات فما هي جريمتك؟ كنت قد شاركت في ندوة اقيمت في جامعة الخرطوم وكانت للمطالب التي اعدمت فيها الحكومة الـ28 ضابطا في الثامن والعشرين من رمضان من بينهم ابني الشهيد أكرم، وكان أطفال الشهداء يحملون جنائز رمزية ويهتفون (بابا شهيد … بابا بطل). وفي اليوم التالي تم اعتقالي من داخل منزلي وكان ذلك في تسعينيات القرن الماضي. • وماذا كان يعمل ابنك الشهيد أكرم؟ رائد طيار وهو من أنقذ المشير البشير، في يوم ما ولم اكن اعلم أنه سيأتي اليوم الذي ينفذ فيه حكم الإعدام، لكنني عبركم أناشد رئيس الجمهورية أن يعلمنا أين دفن ابني وبقية الشهداء؟ فالى الآن لا نعرف مكان دفنهم .أكرم كانت قد تمت ترقيته من نقيب إلى رائد ومنح نوط الشجاعة وأي شخص لديه نوط الشجاعة لا يحاكم ولا يُعدم . • هل تتذكرين اصدقائه؟ كان لديه صديق عزيز وكانا كالتوأم وهو الصحفي المعروف فيصل محمد صالح له التحية والتقدير. • وبما أننا مقبلون على عيد الاستقلال ألا تتذكرين تلك الاجواء؟ اتذكر أنه كان هنالك حزبان كبيران هما الحزب الاتحادي والذي كان ينادي بالاتحاد مع مصر والاستقلال وكان التنافس بينهما حاد. والحزب الاتحادي الديمقراطي في أول انتخابات فاز وحكم إلى أن جاءت حكومة عبود وأكتوبر واستعيدت الديمقراطية .كان الناس يعتقدوا أن الاتحاد مع مصر وسيلة لنيل الاستقلال ولكن الأزهري و(بضربة معلم) أعلن الاستقلال من داخل البرلمان. • ماهو أثر الشعر النسائي آنذاك في الجو العام؟ فى البطولات السودانية شعراء البطانة وهنالك نساء من شندي والأنصار وكان هذا له تأثير في الجو العام. • صفي لنا شعورك وأن تتلقين نبأ استقلال السودان؟ آنذاك كنت أستاذة في كلية المعلمات وكانت مفاجأة بالنسبة لي. خرجت حواء الطقطاقة وهي ترتدي زي العلم وأثارت حماس الناس وهنالك من عملت تنظيم نسائي امثال نعمات وبدرية سيرو موكب من نساء الخرطوم. • ماهي افضل حكومة مرت على تاريخ السودان من وجهة نظرك؟ كل حكومة لديها محاسن ومساويء لكن الحكومات العسكرية دائما تحب القفز وأنا بعتقد أن على كل حكومة أن تكون هنالك حريات ولا يصح تكميم الأفواه وأنا ضد حكومات الأفراد والمجموعات وعلى رأس الدولة أن يكون مجموعة مختارة من الناس وأن يتوخى فيهم مواصفات معينة مثل الصدق والنزاهة والتجرد ونكران الذات ومخافة الله وأن يكون هنالك اجماع قومي عليهم سواء أن كان بالتصويت أو غيره. • بالمقابل ماهي أفضل حكومة انصفت المرأة وساندتها؟ عبود حاول يعمل تنظيم نسائي لكنني لم اذهب ورفضت لأنه لا يمكن أن تكون هنالك حركة نسائية في مكاتب حكومية وبايعاز من الحكومة وأنا بعتقد أن الانتماء يدعك تنحاز لرأيك وتدافع عنه صوابا كان أم خطأ. أما حكومة مايو ورغم أنه كان نظاما دكتاتوريا لكنها من اكثر الحكومات التي انصفت المرأة وأعطتها فرصة للحريات. • أنت من قبل مارست العمل الصحفي فما رأيك في صحافة اليوم؟ الصحافة يمكن أن تكون لديها حريات لكنها لا تمارس خوفا من العواقب ولا توجد حرية رأي ولا ديمقراطية ولا أحزاب، فاعتقال فاروق أبو عيسى ومكي المدني وهؤلاء أساتذة محامين وهم حماة الرأي. لماذا وقع هؤلاء الناس هل هم خونة لي بلدهم؟ هل عملوا ضد بلدهم كي يعتقلوا؟ بنفس القدر الذي تم فيه اعتقال هؤلاء الشخصين يمكن أن يتم اعتقال أشخاص آخرين. وكل هذه المساويء التي تحدث في المجتمع السوداني نتيجة تراكمات لردود افعال مثل شراب البنقو ـ أطفال المايقوما جميعها تعلق على رقبة النظام الحاكم . • نصيحة أخيرة تقدمينها للمرأة؟ تحترم نفسها كي يحترمها الآخرون تكون أمينة فيما تفعله وما تقوله وأن تحافظ على قيمها وموروثاتها وما يميزها عن الآخرين كسودانية.