اليوم العالمي للمرأة

نساء من بلادي
الاستاذة الفاضلة نفيسة المليك
وصاحبات النضال

منذ بدء الخليقة و تشكل الانسان اي بعد تحوله من بشر الي إنسان صاحب عقل مفكر ومنذ تلك العصور الأولى كان دور المرأة حاضرا ؛ فتارة تكون الهة تعبد وتارة ملكة تأمر وتنهي وعندها يسمي المجتمع بالمجتمع الامومي . المراة هي من إكتشفت الزراعة في المجتمعات الأولى فسميت بإله الارض ، وكانت عشتار آلهة الحب والحرب والتضحيات عند السومريين وتارة ملكة تحكم تأمر وتنهي ولنا في بلقيس ملكة سبأ أسوة و الملكة حتشبسوت فرعون مصر مثال والملكة زنوبيا ملكة تدمر وغيرهن من النساء اللاتي قدن وتقلدن مناصب عليا تعكس دور المراة و قوتها على مدار العصور والازمنة . في المجتمعات الاولي سميت المراة بآلهة الارض لان الارض تحمل الحياة و الانسان معا وتثمر والنبات من داخل احشائها الذي تتغذي وتعيش عليه جميع المخلوقات وتحتضن الأرض الخلق والخليقة مثلها كمثل الام ورحمها لابناءها فكانت المراة الهة الارض وكان الرجل إله السماء وإله المطر . كانت الانثي تدعى وتنصب إله لما لها من دور فاعل في الخلق المجتمعي ولا تلبث حتي يأتي الرجل ليستلبها تلك المكانة وينازعها الالوهية التي وصفت بها في تلك المجتمعات الاولي لينصب نفسه إله السماء علي الارض واله المطر الذي يصنع الحياة وهكذا دواليك تستمر المعركة بين المجتمع الامومي والمجتمع الذكوري منذ بدء الخليقة.
ورغما عن البعد ملايين السنين من ايام وسنوات الخلق الاولي نجد النضال مازال مستمرا . بين سيطرة الرجل وانثي الارض والزراعة والحب فتناضل المراة لحقها ومكانتها وعدم استلابها تلك المكانة التي حباها الله لها لتكملة الحياة التي من دونها لا تستقيم ولا تنبت فالتوازن بين الاطراف هو الرجاء والامل ، وفي زماننا هذا نجد عدد من المناضلات والقائدات لحفظ المجتمع و حفظ الحقوق واهمها حق المراة حتي تستقيم الحياة والإنسانية بالتوازن بين دور المرأة ودور الرجل بذاك التوازن الذي يصنع المجتمعات والاوطان . وفي بلادي نسوة ورائدات قمن بتعليم البنات فلا تستوي الحياة والمجتمع دون تعليم المرأة وحظي السودان بعدد من المناضلات اللاتي سطرهن التاريخ والمجتمع لدورهن في نهضة وتعليم المراة ومن ثم المجتمع . وفي هذه السانحة استعرض بعض من اولئك المناضلات واختص بمن عاصرتهن وترعرعت في كنفهن وتربيتهن وتعليمهن ، واذكر من هؤلاء النساء مثالا وليس حصرا أمنا الاستاذة والمربية الفاضلة نفيسة المليك احدي رائدات تعليم البنات في السودان ، تلك المهمة الشاقة التي بدأها نفر من متقدي الفكر والبصيرة لهذا البلد وجاءت مدينة رفاعة رافعة لوائها بابناءها الكرام امثال الشيخ بابكر بدري وشيخ ابوبكر المليك والد الاستاذة المربية نفيسة المليك التي قدمت الكتير لنهضة وتعليم البنات ورفعة هذا الوطن .
شيخ المليك هو مؤسس المدرسة الاهلية للبنات في العام 1949م وبعد وفاته وفي العام 1969م قامت ابنته نفيسة بترفيع المدرسة من مدرسة وسطي لمدرسة ثانوية فنية تجارية وتبعا لذلك قامت بتغير الاسم ليحمل اسم والدها شيخ المليك تخليدا لذكراه وصارت بذلك مدرسة المليك للبنات . وفي العام 2001 قامت الاستاذة نفيسة بترفيع المدرسة لتصبح كلية المليك الجامعية للبنات ولكن حلمها لم يكبر مع حكم الانقاذ وحكومة البشير التي مارست عليها جل انواع الظلم والاستبداد ، وبكل الصبر والصمود ظلت نفيسة تقاوم طغيان حكومة الانقاذ التي داومت معها شتي اساليب المحاربة والتدمير الذي إمتد لوأد وقفل الكلية وهي في بواكيرها كنوع من المحاربة والقهر ولكن نفيسة ؛ القوية المنبت والطموح ظلت تقاوم حكومة وليس افراد وفي داخل بلدها وموطنها الذي يفترض ان تنعم فيه بكل حريات المواطنة والامان والإستقرار ورغما عن ذلك لم تنكسر عزيمتها واصرارها في مواصلة مشوارها النضالي و الثوري .
وبالمقابل اترحم علي امنا الاستاذة العازة بنت العالم شيخ الريح العيدروس والتي سارت علي نفس الدرب واسست مدارس الفلاح للبنات. كانت العازة صنديدة ، جميلة الروح والمحيا إلي ان فارقت هذه الفانية ، واذكر ايضا استاذتي البروفسور امنة صادق بدري التي لها دور لا يستهان به في تنظيم و إدارة جامعة الاحفاد للبنات فهي بمثابة المشورة والراي السديد لتلك الملحمة والصرح الشامخ جامعة الاحفاد للبنات والبروفسور بلقيس يوسف بدري الناشطة منذ العام 1979 في تنمية المرأة الريفية وختان الإناث . اما في مجال العمل الطوعي والاجتماعي فتتصدره السيدة نفيسة كامل المولودة في 1916م حيث ناضلت في ذاك الزمن لتعليم نفسها اولا ومن ثم بناتها الي ان صارت من المرشدات والرائدات في هذا المجال وهي اول من اسس دار المايقوما للايتام وفاقدي السند . فالمرأة السودانية لها من الادوار والاعمال الجسام التي تقوم بها خارج وداخل منزلها ايضا ولا يفوتني في هذا المقام ان اتحدث عن كرم وشجاعة النعمة بت حاج محمد ود البيه ناظر الجعليين وزوجة الفريق الخواض محمد احمد القائد العام للجيش بعد حكومة عبود 1964 عندما جاء اثنين من الضباط اعضاء إنقلاب مايو 1969 لاعتقال الفريق الخواض عند منتصف الليل فتصدت النعمة بكل القوة الشجاعة وذكرت لهم ان الخواض جاء لهذا المنصب استحقاقا ، كفاءة وجدارة ولن يخرج بليل والناس نيام وتحت تهديد السلاح ، وبذلك الموقف الذي تصدت له بت البيه عن قناعة واحترام لتلك الرتبة والكفاءة ومواقف الفريق المشهودة عنه عاد الضباط ادراجهم بكل الاحترام وكانا وقتذاك الرائد خ / ح / ع والرائد أ / م / أ ولم يتم اعتقال الخواض بليل بل تم اعتقاله لاحقا بمنزله ، وقد كان لها من مواقف الكرم المشهودة وعلي مستوي القبيلة والتي اشاد بها وحكي عنها كل من المؤرخ الطيب محمد الطيب والعمدة الحاج علي صالح في مذكراتهم .
في جل المواقف والمهن تميزت المراة السودانية بأن تكون القوية الصامدة والكنداكة الفاعلة التي يحتذي بها ، وهذه المواقف التي سطرتها مثالا وليس حصرا لؤلئك النساء من الذين اخترن دروب النضال التي لا يستطيعها الا من كان كالارض يثمر ويعطي ويصبر علي العطاء لبناء المجتمعات والانسان فلهن التحية والإجلال والاكبار .
وكانت مدارس المليك المدرسة في الصباح لتعليم البنات والمنتدي مساءً للتنوير والتثقيف فكم من الندوات والاجتماعات واللقاءات الادبية والعلمية اقيمت هناك واستقبال عدد من الوفود والجاليات لطرح الرؤي وتبادل الثقافات وتلاقح الافكار لنهضة المرأة السودانية وخروجها من عزلة الجهل إلي انفتاح ونور العلم . ومثالا وليس حصرا لعطاء المراة السودانية ودورها جاء دور النفيسات نفيس وكبير حيث امتد عطاءهن الي ان قدمن احدى ابناءهن شهداء للوطن وكان الشهيد اكرم الفاتح يوسف مجد وفخر وامتداد لعطاء المربية نفيسة المليك متعها الله بالصحة والعافية ، وكان الشهيد عبدالمنعم حسن علي كرار مجدا وفخرا وامتدادا لعطاء امنا نفيسة كامل ام اليتامي وفاقدي السند لها الرحمة والمغفرة . فقد كان العطاء لهؤلاء الرائدات المناضلات جميعهن فخرا لنا وللوطن ورغما عن اختلاف الادوار وشكل العطاء لقد سرن علي درب الكفاح ورفعة الوطن من خلال تعليم انسانه بالعلم والقيم السامية فدامت اعمالكن ذخرا ومرجعا لنضال المراة السودانية

 

نفيسة المليك أم المعلمات

اي صوت نار بالأمس خيالي طاف بالقلب و غني للكمال ------------- صوت نفيسة المليك كان صادحا بالعلم و الحق والفضائل في كل العهود، كان صوت السودانية الأصيلة المثقفة في زمن ما كان مسموحاً للمرأة أن تصدح برأيها و تقاوم النظم السياسية و الإجتماعية.

نفيسة المليك..شجرة من تراب هذا الوطن..!

في تناسق غريب بين صلابة الفولاذ ولطف النسيم.. فهي صلبة الإرادة قوية الشكيمة وهي تحتشد في ذات الوقت بكل ما في عالم البشر من إنسانية ووداعة اجتماعية ومحبة للناس وفعل الخير وبذل المعروف.. يلتقي فيها مضاء العزيمة والاستعداد العنيد لتحمل أعباء تنوء بها الجبال الراسيات..مع صلات واسعة وانفتاح على العمل المدني والاجتماعي والإنساني والخيري والتربوي وعلى رأس كل ذلك العمل التنويري.. تتميّز بحصافة عالية وإنسانية رحبة وإحساس عميق بالواجب وبالآخرين..!

نفيسه المليك ذاكرة أمة وحواء السودان

لا يذكر أسم المرأة السودانية الا وجاء مصحوباً باسم امرأة نخلة تثمر على مدار أيام العام ولا يذكر أسم الحركة النسائية الا ويرتبط باسم الدكتورة نفيسة المليك... تعتبر نفيسة الأبنة الاثيرة للشيخ أبوبكر المليك الذى أسس مع بابكر بدرى نوأة صالحة ونافعة لتعليم البنات في السودان فاعدت النبته المخضوضرة دوماً ذاك الحكى الإسطورى لنفسية المليك.